''صليحة.. صوت تونس الأعماق'' فيلم وثائقي لسماح الماجري
تزامنا مع ذكرى وفاة الفنانة التونسية صليحة (26 نوفمبر 1958)، قدمت المخرجة سماح الماجري، فيلمها الجديد "صليحة.. صوت تونس الأعماق" وهو عمل وثائقي مدته 50 دقيقة من إنتاج قناة الجزيرة الوثائقية سنة 2022، وتم تقديمه في عرض أول أمس السبت بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، وعلى قناة الجزيرة الوثائقية مساء اليوم الأحد.
ويحكي الفيلم مسيرة ''كوكب المغرب العربي'' أو ''أم كلثوم المغرب العربي''، كما يطلق عليها جمهورها. و يطرح الفيلم في البداية الأصول الجزائرية لصليحة و ظروف قدوم عائلتها إلى تونس ثمّ الظروف العائلية القاسية التي دفعتها للعمل خادمة ثمّ يعرض الفيلم قصة اكتشاف موهبة صليحة الفنية على يد المحامي حسونة بن عمار إلى أن ذاع صيتها في تونس و بدأ ينتشر في المغرب العربي بداية الخمسينات حتى وفاتها سنة 1958.
واستندت المخرجة سماح الماجري على شهادات مجموعة من الباحثين والموسيقيين هم البشير السالمي (عازف كمنجة سابق بالمعهد الرشيدي) وعبد الستار عمامو (باحث مختص في التراث) وأحمد الحمروني (كاتب ومؤلف) ومختار المستيسر (كاتب ومؤلف) وفتحي زغندة (ملحن وناقد موسيقي) وكذلك علي السياري (باحث مختص في المالوف التونسي)، بالإضافة إلى نعيمة بن دالي وهي حفيدة الفنانة الفقيدة صليحة.
وإلى جانب الشهادات التي قدمتها هذه الشخصيات عن حياة الفنانة صليحة ومسيرتها الفنية الغنية والمتميزة، أثرت المخرجة فيلمها بمشاهد تمثيلية حية جسدها كل من ملكة الشارني في دور صليحة الطفلة وعائدة جفال في دور صليحة وعبد الكريم البنّاني (حسونة بن عمار) ووسيم سبيكة (خميس الترنان) وأسماء الوسلاتي (فتحية خيري) وإيمان قريعة (الفنانة بدرية).
وجاء الفيلم محمّلا بشهادات قيّمة عن الفنانة صليحة ووثائق نادرة ورقية ومصورة بحوزة مؤسسات التلفزة التونسية والأرشيف الوطني والمركز الوطني للتوثيق.
وتقول الشهادات التي استقتها المخرجة في الفيلم إن صليحة لُقبت بسيّدة الغناء في تونس فأحبّها الأغنياء والفقراء الحضريون والريفيّون. وقد اقترن اسمها بالإذاعة التونسية وبالرشيديّة حتى أصبحت مطربة الرشيديّة الأولى، ما أثار غيرة بعض المطربات آنذاك مثل الفنانة بدرية.
واشتهرت صليحة بكونها مطربة تونس في الأربعينات والخمسينات، فغنّت جلّ أغانيها على تنوّع نغماتها ومقاماتها وموضوعاتها في إطار مدرسة الرشيديّة الفنيّة وبعناية كبار المؤلّفين والملحّنين أبرزهم العربي الكبادي وأحمد خير الدّين وجلال الدّين النقّاش ومحمد المرزوقي وخميّس الترنان ومحمد التّريكي. وقد كان أول حفل رسمي لها يوم 25 نوفمبر سنة 1941.
وتُفيد شهادات المتدخلين في الفيلم أن صليحة أصرّت على إحياء حفل لها بالمسرح البلدي بالعاصمة، رغم إذاعة خبر إلغاء الحفل على الراديو ورغم شدّة المرض الذي ألمّ بها، وهذا الإصرار يعود إلى حبّها للفن وإسعاد جمهورها الذي غنّت له وأطربته وهي متّكئة على كرسي محاذي للمصدح.
والمطربة صليحة اسمها الحقيقي صلّوحة بنت إبراهيم بن عبد الحفيظ هي من مواليد سنة 1914 بقرية نبر بولاية الكاف وتوفيت يوم 26 نوفمبر سنة 1958 بالعاصمة عن سن ناهزت 44 عاما بعد صراع مع المرض.
وتركت صليحة رصيدا غنائيا زاخرا مازال يتردّد إلى اليوم بأصوات فنانين من مختلف الأجيال على غرار "خالي بدلني" و"عرضوني زوز صبايا" و"ساق نجعك" و"بخنوق" و"يا اللي بعدك ضيع فكري" و"يا خدود التفاح" و"يا زين الصحراء" و"يا خيل سالم" وغيرها من الأغاني التي مازال صداها يدوّي عاليا.
(وات)